هل أصبحت مؤسسة الزواج هشة.. ارتفاع مهول في نسبة الطلاق بالمغرب   

يبدو أن حالات الطلاق بالمغرب وصلت إلى مستوى توجب فيه دق ناقوس الخطر، فحسب تقرير أصدره المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول القضاء الأسري بالمغرب، سجلت المحاكم الابتدائية خلال الفترة ما بين سنتي 2017 و2021، ما مجموعه 588.769 حالة، تنقسم إلى حالات طلاق وتطليق.

ارقام مقلقة

بلغ عدد حالات الطلاق 164.477 حالة، أي نسبة 27.94 بالمئة، في حين بلغ عدد حالات التطليق 424.292 حالة أي نسبة 72.06 بالمئة.

ويعد طلاق الشقاق النوع الأكثر عرضا على المحكمة، إذ بلغ عدد الحالات خلال هذه الفترة إلى 421.036 حالة، أي بنسبة 71.51 بالمائة في حين بلغ عدد حالات الطلاق الاتفاقي 123.221 حالة، أي بنسبة 20.93 بالمئة. يعتبر طلاق الشقاق والطلاق الاتفاقي النوعين الأكثر انتشارا، كما يعد طلاق الشقاق النوع الأكثر عرضا على المحكمة، وتذهب بعض الفرضيات لتفسير ذلك إلى أنه في كثير من الحالات تختار النساء طلاق الشقاق لأهداف مادية، بدفع الزوج إلى رفع الدعوى، حتى تستفيد من مستحقات المتعة.كما توجد فئة أخرى من الأزواج تلجأ إلى الطلاق الاتفاقي، الشيء الذي يسرع الإجراءات القانونية.

وحسب المادة 114 من مدونة الأسرة، يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية دون شروط، أو بشروط لا تتنافى مع أحكام هذه المدونة، ولا تضر بمصالح الأطفال. بعد الاتفاق، يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا به مرفقا به للإذن بتوثيقه، كما تحاول المحكمة الإصلاح بينهم وإذا تعذر الإصلاح، أذنت بالإشهاد على الطلاق وتوثيق.

طلاق الشقاق تجارة مربحة

وفي هذا الصدد، صرح عبد اللطيف بوجبير، محامي بهيئة الدار البيضاء لدوزيم، أن ملفات طلاق الشقاق بالمقارنة مع ملفات الطلاق الأخرى، هي الأكثر عرضا على المحكمة، إذ أن بعض الزوجات يدفعن أزواجهن لرفع الدعوة بهدف الاستفادة من مبالغ المتعة التي يكون الزوج ملزم بدفعها لصندوق المحكمة، ومن بين هؤلاء النسوة هذه من تلعب على هذا الوتر بزواج عدة مرات طمعا في الاستفادة التي يمنحها التطليق.

وأضاف عبد اللطيف بوجبير، أن أسباب الطلاق تتعدد من حالة إلى أخرى، كغياب التفاهم، العنف والاستقلالية…، ولزوجة الأم دورا محوريا في النزاع في أغلب الحالات.

جيل يتمرد على التقاليد

من جهته أفاد محسن بنزاكور أستاذ علم النفس الاجتماعي لموقع القناة الثانية، أن انتشار الطلاق في المغرب يعود إلى أن الجيل الجديد لم تعد لديه تلك النظرة التقليدية للزواج، إذ أضحى الأزواج غير راغبين في تحمل المسؤولية وبناء حياة مستقرة، بل إن كل طرف يعطي الأولوية لمصلحته الشخصية، كما أن هناك بعض الأزواج يرون أن النموذج الأسري التقليدي لا يتوافق مع جيلهم، ففي نظرهم ليس من المنطقي وجود سلطوية، مادامت العلاقة مبنية على التكافؤ.

كما أضاف محسن بنزاكور، أن الجانب الاقتصادي يلعب دورا كبيرا في المعاناة، وعدم القدرة على تحمل أعباء الأسرة وتلبية الحاجيات، يكون سبب النزاعات.

غياب الموضوعية والتسرع يفاقمان المشكل

لكن حسب محسن بنزاكور، فهو يرى أن تدخل عائلتي كل من الزوج والزوجة في حياتهم الأسرية يعد سببا رئيسيا في سرعة اللجوء إلى الطلاق، إذ أن تدخل أم الزوج يؤثر بشكل سلبي على علاقته بالزوجة، ونفس الشيء بالنسبة للزوجة، ولا يكون هناك نوع من الحكمة والرزانة في التدخل، بقدر ما يكون هناك نوع من الحمية وميل الوالدين إلى أبنائهم، مما لا يعطي إمكانية لحل الإشكال بموضوعية .

لدى كل عقبة يتبادر إلى ذهن الزوجين التوجه إلى المحكمة، وغالبا ما لا يلجأ الطرفان إلى الوسائل الجديدة والتواصل الموضوعي والبناء، التي تعتبر وسائل أساسية وجوهرية للمساهمة في حل إشكاليات الحياة الزوجية.

تدابير التقليل من ظاهرة الطلاق بالمغرب

ومن جهته أفاد مصطفى صادقي محامي بهيئة الدار البيضاء “لدوزيم”، أنه من الضروري أن يكون هناك تدخل تشريعي من أجل تعديل مدونة الأسرة، بشكل يجعل من الصعب على الأزواج اللجوء إلى مسطرة التطليق أو الطلاق اللذين يؤديان إلى تشتيت شمل الأسرة، لاسيما في المساطر التي تتقدم بهم المرأة، إذ أنها ليست ملزمة بدفع أي مبلغ، عكس الرجل الذي يكون مطالبا بدفع المتعة، الشيء الذي يجعله بالتالي يتراجع عن المسطرة. وأردف قائلا أن من الواجب خلق مؤسسة دورها الأساسي هو الإشراف على عملية الصلح، كما يجب أن تكون هناك توعية اجتماعية بأهمية الأسرة، والتحسيس بخطورة الطلاق عن طريق البرامج التعليمية سواء على المجتمع أو الأطفال.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar