من يمول “الربيع العربي”؟


 


محمد مشهوري*


تابع الجميع ثورات" الربيع العربي" التي انطلقت من تونس إلى مصر ثم البحرين و اليمن و ليبيا وسوريا، وبشكل استثنائي المغرب من خلال حركة"20 فبراير"، وتم التهليل لسقوط بنعلي ومبارك في ظرف وجيز، لكن لا أحد تساءل عن الجهات الممولة لتلك الحركات الشبابية التي هزت عروش أنظمة كان يضرب بها المثل،إلى وقت قريب، في القوة و التحكم في مجتمعاتها بمباركة القوى الغربية الكبرى المهيمنة على العالم.

سؤال التمويل يفرض نفسه، حتى يتم التعرف على حقيقة هذه الثورات إن كانت من صنع محلي أم هي ماركة عالمية مسجلة؟

فلا يعقل أن تهب شعوب ظلت تحت أحذية الحكام صاغرة لمدة عقود، لا تصدح حناجرها سوى بالتهليل ل"فخامة الرئيس القائد، باني البلد و رائد النهضة والتنمية و محبوب الجماهير"، لتغير موقفها ب 180 درجة رافعة شعار"إسقاط النظام" و"إرحل"!

إن تلك الثورات لم تتطلب فقط استعمال تقنيات الانترنيت و المواقع الاجتماعية ( فايسبوك، تويتر…)، بل استلزمت أيضا وسائل لوجستية لم تتوفر، في غالب الظن، اعتمادا على تمويل داخلي، في ظل إحكام الأنظمة قبضتها على حركة الأموال وعملها على استمالة الأغنياء عبر تكريس الريع الاقتصادي  وتصعيدهم إلى البرلمانات.

هنا يحضر التساؤل حول الحضور الأجنبي في التأسيس لهذه الثورات، من خلال الدور الذي تقوم به المراكز الثقافية الأجنبية و المنظمات غير الحكومية الأوربية والمعهد الديمقراطي الأمريكي و المعهد الجمهوري الأمريكي وغير ذلك من المنظمات. فهل تمول هذه المؤسسات أنشطة الهيئات الشبابية للأحزاب  والمجتمع المدني لسواد عيون الشعوب العربية؟ أكيد أن هنالك غايات أخرى تندرج في إطار مخطط ممنهج يرمي إلى تدجين الطاقات و النخب و تسخيرها لخدمة المشروع الغربي ( الشرق الأوسط الكبير في صيغته الجديدة)، بما يخدم المصالح الغربية المستقبلية ( الاستحواذ على النفط، والتحكم في المياه).

هذه التساؤلات وغيرها تفرض على المغاربة بعض الحيطة والحذر أمام الشعارات المرفوعة مرحليا، والتي يمكن اعتبارها استنساخا حرفيا ل"ماركة عالمية" موجهة للاستهلاك في العالم العربي. فالمغرب له خصوصياته ومناعته الدفاعية التي جعلته يصمد أمام الغزو العثماني وأمام كل محاولات الغزو الأجنبي مهما كانت طبيعتها، والدليل هو أن غالبية المغاربة في المغرب العميق لا يعرفون من ربيع سوى فصل الربيع، وتركوا "نخبا" مستلبة تشدو بربيعها تحت يافطة مسميات أيام الآحاد.

للحديث بقية.

 

كاتب وصحافي مغربي

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar